Skip Navigation Links

فانما عليك البلاغ وعلينا الحساب

1- التدافع والمواجهة بين الحق والباطل سنة من سنن الله تعالى منذ وجد الإنسان على وجه هذه الأرض، ويتمثل ذلك فى قصة خلق آدم عليه السّلام، وحسد إبليس له على ماميزه الله تعالى به، ورفضه السجود له مع الملائكة طاعة لأمر الله تعالى، فطرده الله ولعنه، وفى هذا يقول رب العزة :- " قال فبما اغويتنى لاقعدن لهم صراطك المستقيم. ثم لاتينهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن ايمانهم وعن شمائلهم، ولاتجد أكثرهم شاكرين ". ولاتزال هذه المواجهة قائمة-وستظل- طالما بقى حق وباطل، وخير وشر . 2- وقد علمنا ربنا تبارك وتعالى أن أهل الباطل لن يدخروا وسعا في صد أهل الحق عنه بكل الوسائل الممكنة، ترغيبا أو ترهيبا، وصدق الله القائل :- " لتبلون فى أموالكم وانفسكم، ولتسمعن من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم ومن الذين اشركوا أذى كثيرا ". ويشير القرآن إلى أن هذا الأذى الكثير قد ينال المرء فى جسده اوماله اوعرضه او اى شئ آخر، وأنه تستخدم فيه كافة الوسائل لإثناء أهل الحق عنه والايات القرانية والأحاديث النبوية المتعلقة بهذا الموضوع كثيرة . 3-والمتامل في كتاب الله يجد أن الله تبارك وتعالى يعلى من شأن الحق ،ويرفع من قدره . فالحق اسم من اسماء الله الحسنى ، يقول رب العزة :- " ذلك بأن الله هو الحق ". وقضاء الله بين عباده يكون بالحق، يقول رب العزة :- " والله يقضى بالحق ". وقول الله دائماً بالحق، يقول رب العزة :- " والله يقول الحق، وهو يهدى السبيل ". والله ارسل رسوله بالحق، يقول رب العزة :- " هو الذى ارسل رسوله بالهدى ودين الحق ". وأثنى الله فى كتابه على المؤمنين الذين يتبعون الحق فى مقابل اتباع الباطل، يقول رب العزة :- " ذلك بأن الذين كفروا اتبعوا الباطل وان الذين آمنوا اتبعوا الحق من ربهم ". وهذا غيض من فيض، وقليل من كثير مما ذكره القرآن عن الحق وأهله. 4-وقد أكد رب العزة فى أكثر من موضع بكتابه العزيز ان العاقبة للمتقين، وأن انتصار الحق على الباطل أمر لاشك فيه، ونقرأ فى هذا على سبيل المثال قول الله تعالى " بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق "، و قوله تعالى :- " وقل جاء الحق وزهق الباطل، إن الباطل كان زهوقا ". وقوله تعالى :- " ويحق الله الحق بكلماته ولو كره المجرمون ". وقوله تعالى :- كذلك يضرب الله الحق والباطل، فاما الزبد فيذهب جفاء، وأما ماينفع الناس فيمكث فى الارض ". وغير ذلك كثير . ويؤكد على أن أهل الباطل فى أى زمان ليسوا استثناء من هذه القاعدة، فيقول سبحانه :- " فهل ينتظرون إلا مثل أيام الذين خلوا من قبلهم، قل فانتظروا إنى معكم من المنتظرين .ثم ننجى رسلنا والذين آمنوا، كذلك حقاً علينا ننجى المؤمنين . 5- ومطالعة المؤمن لهذه الآيات القرآنية تولد لديه الثقة بموعود الله، وتجعله يبذل الغالى والرخيص فى سبيل نصرة هذا الدين العظيم. لكن الآفة التى تصيب بعضنا اذا كانت للباطل جولة ،ولحق الأذى بالمؤمنين أن يستعجل قطف الثمرة ،والا أصابه الإحباط ،وارتضى بالقعود والخذلان. وهنا يأتى التوجيه القرآنى الذى عنونا به موضوعنا اليوم ( فإنما عليك البلاغ وعلينا الحساب ) وقد جاءت هذه الجملة عقب قوله تعالى (وامانرينك بعض الذى نعدهم أو نتوفينك ) والمعنى : واما نرينك بعض الذى نعدهم من الهزيمة والخزى فى الدنيا، أو نتوفينك قبل أن ترى شيئا من ذلك، (فإنما عليك البلاغ وعلينا الحساب ). و الآية تعلمنا أن نسير على الطريق الصحيح ،ونمضى فيه ،فإن أدركنا الثمرة فبها ونعمت، وألا فحسبنا أن نبنى لبنة ،وياتى غيرنا ليكمل البناء، والأجر عند الله للجميع،الذى لايضيع أجر من أحسن عملا. وفقنا الله جميعاً لما فيه رضاه، وثبتنا على الصراط المستقيم حتى نلقاه، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين

د/ طلعت عفيفي